وهج المشاعر
القراءة الشارحة لقصيدة “يا هوى البال” للشاعر فهد الغرابي,,
قراءة في قصيدة- ناصرمضحي الحربي
في هذا النص الوجداني العميق، يرسم الشاعر فهد الغرابي لوحة من شوقٍ متأجّج ووجدانٍ يضجّ بالأسى. تتوالى الصور الشعرية في هذه القصيدة لتكشف صراع العاشق بين الكتمان والاعتراف، وبين صبرٍ تململ وغيابٍ أربك القلب. وفيما يلي شرح موجز لأبرز معاني الأبيات وصورها

هاجسي لأضواء الليل وبدأ به قام يطرق بصدري كل بابي ..
يصطفق لين بيبان الضماير تومي وماي من قو اصطفاقه**
•يا هوى البال: ينادي هوى القلب، مخاطبًا شعوره الداخلي.
•الهجس (الهاجس) يتفاعل مع أضواء الليل؛ رمز الهدوء والوحدة.
•يطرق أبواب صدره واحدًا تلو الآخر حتى تهتز أبواب الضمائر من قوة ما يشعر به.
•وصف “تومي وماي” يوحي بالارتجاف الشديد، وكأن أبواب قلبه تساقطت من وطأة الهم.
**(لا) ويوم اصطفق هجرس وغنى كل طاري على يمه سرابي
وأشعل النار بين الحدب لما ذوب القلب في نار اشتياقه**
•اصطفق الهجرس: أي ارتفع صوت الهاجس فجأة.
•غنى كل ذكرى، وكل شيء يقوده إلى “سرابه”؛ أي حلمه الذي يتلاشى.
•أشعل نار الشوق “بين الحدب”؛ أي بين أضلاع الصدر حتى ذاب القلب من حرّ الاشتياق.
**والعناء مل من زايد عنايه وعنا الحال من طول ألعذابي
اتصبر ومل الصبر صبري قال مالي على خوتك طاقة!!**
•العناء ذاته تعب من كثرة العناء! صورة بديعة.
•الحال تَعِب من طول العذاب.
•يتصبر لكن حتى الصبر نفسه ملّ منه وقال: لم أعد أطيق صداقتك مع العذاب!
**من سبايب وليفن غاب مدري عن غيابه وش أسباب الغيابي**
•يشير إلى محبوب غاب بلا مبرر ولا يعرف أسباب هذا الغياب.
•“سبايب وليفن” أي تقلبات وظروف.
**من فراقه تعرضت الهوا يل ليت لو شاف حالي من فراقه**
•يصف نفسه كمن تعرّض لهواء مؤذٍ—أي نكبات الفراق.
•يتمنى لو يرى المحبوب أثر فراقه على حاله.
**منه جرحي جحدته ماشكيته لو صطابي من أسبابه صوابي**
•رغم أن جرحه منه، لكنه كتم ولم يشكُ.
•“صطابي” أي إصابتي، “صوابي” أي مصيبتي، وكلاهما بسببه.
**وتجاهل اليا جابوا مجاله كن ما بيني وبينه علاقة**
•إذا ذُكِر اسمه، تجاهل كأن لا علاقة بينهما، وكأن الماضي قد مُحي تمامًا.
**خايف أسج بالنظرة وتقرا في عيوني عناوين الكتابي
تكشف الأوراق بصدري ويبقى بيت الأسرار مفتوقٍ رواقه**
•يخاف أن يفضحه نظره.
•عيونه تحمل “عناوين الكتاب” أي أسرار حبه.
•أوراق صدره قد تنكشف، فيبقى بيت الأسرار مفتوحًا أمام من لا يريد أن يعرف.
**آه وحر كبدي وضاماها من ضماها تخيلت السرابي
كيف أحسبه غدير من مخايل بأردن ماه يا محلى مذاقه**
•يشكو حرّ الكبد والظمأ العاطفي.
•ظنّ السراب غديرًا من شدة عطشه—صورة قوية عن الخذلان.
•“يا محلى مذاقه” تزيد ألم المفارقة: ظنه ماءً عذبًا فإذا هو وهم.
**ياهوى البال جرحي زاد شره كان جرحك مع الأيام طابي
خف من الله وناظر حال مسلم من سبيبك دمع العين راقه**
•جرحه ازداد سوءًا.
•يقول للمحبوب: إن كان جرحك قد طاب، فجراحي منك لم تبرأ.
•يناشده بالله أن ينظر حاله، فقد سالت دموعه بسبب فراقه.
**كل ما مر طيفك قمت أهلي واشتكي منك لك حضرة جنابي**
•حين يمر طيفه يقوم أهله (يقوم متأثرًا) ويشتكي منه إليه—أي يشتكي للمحبوب نفسه من قسوته.
**مار طبعك عن الماضي تغير وين ذاك التعامل والباقه**
•يتساءل باستنكار:
أين ذاك الخلق والوفاء الذي عرفه منك؟ ما الذي غيّرك؟
📌 خلاصة المعنى
القصيدة رحلة في عذاب الشوق وقهر الفراق وحيرة الأسباب، يبرز فيها الشاعر ببساطة صادقة وصور قوية.
هي قصيدة عاشق مكابر، كاتمٌ لجرحه، يخشى الفضيحة العاطفية، لكنه في النهاية يصرخ بألمه

